الكل يتذمر من الفساد في تونس، والفساد يستفحل بدرجة كبيرة في كل مجالات الحياة ، فاين الخلل ؟ وكيف نقضي على هذه الظاهرة ؟
كثير ممن يتذمرون من الفساد لا يزعجهم الفساد كقيمة انما يقلقهم فقط عندما يتضررون منه بصفة مباشرة ، فهم يساعدون على الفساد إذا كان يخدم مصالحهم ولا يبالون به إذا كان لا يضرهم ولا ينفعهم .
الخطوة الاولى في القضاء على الفساد هو نبذه كقيمة مهما كانت المصلحة ، مع الوعي بأن لزوال الفساد منفعة لجميع الناس عاجلا أو آجلا .
الخطوة الثانية للقضاء على الفساد هي التربية على نبذه ليس فقط كظاهرة إجتماعية وقيمة حضارية وانما ككبيرة دينية، ففي الفساد تلتقي ثلة من أعظم المحرمات التي ندد بها الإسلام كأكل أموال الناس بالباطل ، والرشوة ، والمحاباة ، والظلم . كذلك الفساد يؤدي إلى كوارث جمة من زهق أرواح الناس الابرياء ( الفساد في قطاع الصحة والأمن مثلا ) ، إلى نهب ثروات الوطن (الفساد في قطاع السياسة والإدارة مثلا ) مرورا بقطع ارزاق الناس والمظالم بجميع انواعها .
من ناحية أخرى ، كثير ممن يتذمرون من الفساد يطبعون معه بوعي أو بغير وعي ، وذلك مثلا إذا إقترح عليهم أحد معارفهم خدمة غير قانونية مستغلا منصبه ونفوذه يقبلونها بصدر رحب . هكذا يبدأ الفساد بتبادل الخدمات الصغيرة وإستغلال المناصب ، ثم يتطور ليتحول لرشاو ووساطات ومعاملات مشبوهة إلخ .
أخيرا ، يعتقد الكثير أنه يكفي للقضاء على الظاهرة أنتخاب حكومة جادة في مكافحة الفساد ، وهذا رأي قاصر. لأن الدولة تنفذ سياستها عبر هياكلها واداراتها، إذا كانت هذه الهياكل ينخرها الفساد ، فلا إصلاح كبير يرجى من الدولة حتى وإن صلح هرمها. فالمهمة مشتركة بين الجميع، “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ” وإذا أصلحنا ما في أنفسنا سيصلح المجتمع وسيحكمنا المصلحون ، أما إذا عول كل فرد على غيره فلن نجني إلا السراب وإن حكمنا المصلحون.
—–
شمس عروة