تجب الفدية على المرأة المرضع، إذا أفطرت خوفا على ولدها من نقص الحليب، وعلى من فرّط في قضاء رمضان.
وتستحبّ الفدية للشيخ والشيخة اللذين لا يطيقان الصيام، وللمريض مرضا مزمنا لا يرجى برؤه، فالإطعام في حقّهم مستحبّ وليس واجبا. وما عدا ذلك فلا يطلب الإطعام، وذلك في المريض الّذي يرجى شفاؤه، والمرضع الّتي تفطر خوفا على نفسها لا على رضيعها، والحامل سواء خافت على نفسها أو على جنينها، لأنّهما في حكم المريض.
ومقدار الفدية للمرضع والشيخ والشيخة: مدّ بمدّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أي ربع صاع، ووزن المدّ نصف ليترة على ما قدّره الشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور ـ رحمه الله ـ وذلك يقارب نصف كلغ وزنا.
والأصول المبنيّ عليها هذا التقدير ما يلي:
ـ أنّه المقدار الّذي حدّده النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم للمفطر عمدا، في حديث الرجل الّذي جامع زوجته في نهار رمضان، أعطاه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم خمسة عشر صاعا، ليفرقها على ستّين مسكينا، فيكون مدّ لكلّ مسكين، فهنا لا يكون المعذور في فطره مشدّدا عليه بأكثر من مدّ مقارنة مع المتعمّد المنتهك لحرمة الشهر.
ـ أنّه فِعلُ مَنْ نُقل عنه الإطعام من الصّحابة، كأبي هريرة، ابن عمر، وابن عباس، وفعلهم في حكم المرفوع إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنّ تقدير الإطعام ليس ممّا يكون عن اجتهاد.
ـ أنّ العذر الشرعي يناسبه التخفيف في الفدية، كما يناسبه ترك التقدير للشخص نفسه، وأن لا تقدّر له، وخاصّة لمن هي مستحبّة في حقّه، لأنّها من باب التّطوّع والإحسان، إلاّ أنّ مجال الفقه يقتضي التحديد لما هو مطلوب شرعا، وجوبا أو استحبابا، وأمّا الزيادة على ذلك فهي موكولة إليه وليس للمفتي أن يلزمه بمقدار معيّن، وهذا في التقديرات الشرعية المبنية على اجتهاد الفقهاء كهذه الفدية.
ـ أنّ فدية الإطعام ليست كفّارة عن انتهاك حكم شرعي، بل هي بدل عن ترك عبادة بعذر، والمغالاة في تقديرها يحوّلها إلى عقوبة زجرية، على مفطر بعذر شرعي لم يتسبّب فيه. ومن هنا كانت الحكمة في شرع الفدية لأصحاب الأعذار، وهي تطييب نفوسهم عما أصابهم وحرمهم من الصيام، وتعويضهم بما يرون به أنفسهم مشاركين الصائمين في صيامهم لشهر رمضان.
ـ أنّ المراد بالفدية وجبة من طعام تسدّ خلّة فقير أثناء اليوم، فهي ملحقة بالإطعام في كفارة المفطر عمدا في رمضان، وهذه الكفارة مدّ لكلّ مسكين كما تقدّم، ولا يشعر نصّ الحديث الّذي وجب به الإطعام في كفارة الفطر عمدا بأيّ معنى من معاني الإشباع الكامل للفقير. ولذلك فإنّ الفدية ليست كالإطعام في كفّارتي اليمين والظهار، حيث يطلب فيهما الإشباع في وجبتين غداء وعشاء في اليوم.
والله أعلم.

الحبيب بن طاهر
في: 7 ماي 2020 م
14 رمضان 1441 هـ

من admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *