كأيّ خطة وضعها الإنسان، ينبغي بعد تنفيذها أن يعود على عمله بالتقويم والنقد: ماذا أنجز وماذا لم يُنجز؟
ونحن كانت لنا في بدء رمضان أهداف، فما الذي تحقّق منها وما الذي لم يتحقّق؟
1. ضمن أعظم الأهداف: زيادة الإيمان، وزيادة القرب من الرحمن، وزيادة القرب بالقرآن، فما الذي تحقّق؟
2. ومن ضمن الأهداف: صقل الإرادة والشخصية والنفسية والبُعد الروحي والأخلاقي والنفسي والاجتماعي، فما الذي أُنجز؟
3. رمضان محطة للارتقاء ومضاعفة الرصيد والادخار، فما الذي ادّخرناه؟
4. ورمضان عودة إلى فطرتنا وطبيعتنا كيوم ولدتنا أمهاتنا، أنقياء أصفياء، على منهج السماء، فهل كان هذا الموسم لنا كذلك؟
5. ولما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ العمل أحبّ إلى الله؟ قال: “أدومه وإن قلّ”. (صحيح مسلم).
وقد قال اللهُ تبارك وتعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99] أي الموت، ومعنى الآية: لا تُفارق العبادة حتى تموت وتُفارق الحياة، فجعل حد العبادة حد الحياة، وقد قال نبي الله عيسى عليه السلام: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً} [مريم:31].
فإن انقضى شهر رمضان، فإنّ المؤمن لن ينقطع عن عبادة الصيام؛ لأن الصيام لا يزال مشروعاً في العام كله، مثل صيام ستة أيام من شوّال، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصيام الإثنين والخميس، وصيام يوم عرفة.. ولئن انقضى قيام شهر رمضان فإن المؤمن لن ينقطع عن عبادة القيام، كيف واللهُ تعالى أثنى على أهل القيام بقوله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ . فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:16-17].
فالعبادات مستمرة.. مثل ذكر الله تعالى والحج والعمرة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطلب العلم والجهاد.. وغير ذلك من الأعمال..
فالإنسان ما هو؟ وما دور العبادة في تحقيق ارتقائه ونقائه وصقله حتى يتحوّل من طينته إلى ما فوق الملائكة.. كما يتحوّل الكربون إلى الماس الذي هو أغلى ما عرفه الناس..
أيها الترابي! في ليلة القدر تَحَدَّد قَدْرُك، ورفع اللهُ العليّ القدير قَدْرَك، وعيَّنك في أعلى الوظائف.. الخلافة.. فلا تحقر نفسك! فإنّ بدء المعاصي من حقر الذات..
رمضانُ كان فرصة لتكتشف طاقاتك وقدراتك وما أودع فيك من الكنوز.. فكم تحت صحرائنا من الكنوز.. وكم وراء طينتنا من كنوز!!
رمضانُ كان فرصة للجم الغرائز المنطلقة.. والشهوات المنفلتة، ليحلّ محلّها الضبط والانضباط..
خلاصة القول: رمضانُ رُوح.. ترُوحُ معك حيث تَرُوح.. ولا تُخلّفها وراءك وتَرُوح..

د. أحمـد نوفـل

من admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *