يهلّ رمضان على بلدنا فتتجاوب أصوات المآذن بنداء الله أكبر .. حي على الصلاة .. حي على الفلاح ..
وتسعى الأقدام في الفجر إلى المساجد .. لكن كـالعادة كـل سنة المناخ الإعلامي في عالم آخر كله تفاريح وفوانيس ورقص وطبل وزمر وفوازير .. والإعلانات الكبرى في الصحف عن الخيمة الرمضانية وليالي الأنس والسهرة الصباحية مع المشويات والشيشة والرقص البلدي والحلويات .. وتزدحم الشوارع بالناس ويقضي الصائم أكثر وقته في النوم .
واستهلاك اللحم والمواد التموينية يقول أن شهر الصيام هو في حقيقته شهر أكل وشهر سهر على الأرصفة أكثر منه في البيوت أو في المساجد ..
وأن الحلم العام للمواطن في هذا الشهر ليس جنة الآخرة ..وإنما ياميش العتبة ، وكنافة الحسين مع المشمشية والبندق والجوز واللوز وصواني البسبوسة .
وهذه الأحلام الاستهلاكية في شهر ديني تُنبيء عن حالة فصام تام مع الواقع .. وعن نفوس أخلدت إلى استرخاء دنيوي ، وأصبحت لا يشغلها شاغل سوى أين تقضي سهرة هذا المساء وماذا تأكل وماذا تشرب وماذا تلبس ؟
هذه الرخاوة الدنيوية والبلادة الذهنية تبدو غريبة في واقع متوتر مشتعل يحتشد بالأخطار والمفاجآت ..
نحن إذاً نسكن على حافة بركان وننام على زلزال !
فـمتى سنفيقُ من سُـبـاتــنــا ؟!!!
د . مصطفى محمود