تعرض الإمام مالك كغيره من رموز الفقه الإسلامي لمحنة في العهد العباسي في عهد ابي جعفر المنصور وذلك بسبب قوله بسقوط طلاق المستكره ،
وقد قاس معارضو العباسيين على هذه الفتوى لإسقاط بيعة الخليفة. لذلك أمر هذا الأخير مالكا بتجنب ذكر هذا الرأي إلا أن الإمام  رفض ذلك  . وذهب بعض المؤرخين إلى أن الإمام  مالك ساند ثورة محمد النفس الزكية على العباسيين . وقد سجن الإمام مالك وضرب بالسوط ضربا شديدا بسبب هذه الحادثة.
أثر التسلط السياسي الذي ساد في تلك الفترة على أراء الإمام مالك وفقهه ، فكان يحرم الخروج على الحاكم لما يرى في ذلك من الفتنة ولما رأه من نتائج الثورات التي وقعت في عهد الدولة الأموية والعباسية .
يقول الإمام أبو زهرة :
“رأى مالك اولئك الحكام ورأى خروج الخوارج وانتفاضه العلويين وما ينجم عن ذلك من مضار تلحق بالأمة من غير حق يقام ولا باطل يدفع وتلقى من أفواه شيخه الذين عاينو الماضي و شاهدوه وسمع منهم أخبار واقعة الحرة وكيف استبيحت المدينة حرم الرسول صلوات الله وسلامه عليه ولم تترك فيها حرمة من غير أن تهتك فأذل أولاد الانصار و قيدوا في الإسار ولم يقم حق ولم يدفع باطل حتى يجكون ذلك من كرم  الفداء” (1)
يرى مالك أن خير وسيلة للإصلاح هي العمل على إصلاح الناس ونصح الحاكم بالكلمة الطيبة لعدم جدوى الخروج عليه إذ روي عنه أنه قال: ” حق على كل مسلم أو رجل جعل الله في صدره شيئاً من العلم والفقه أن يدخل إلى كل ذي سلطان يأمره بالخير وينهاه عن الشر ويعظه حتى يتبين دخول العالم على غيره لأن العالم إنما يدخل على السلطان لذلك فإذا كان فهو الفضل الذي لا بعده فضل.”
أما تأثيرهذه المحنة على المذهب المالكي، فقد تميز هذا المذهب كغيره بطغيان التفريعات في مسأئل العبادات والمعاملات مقابل غياب شبه كلي لفقه السياسة . عندما غيب العلماء و ابعدوا عن الحياة العامة ، تفرغوا لدقائق الفقه.

————-
1أبو زهرة : الإمام مالك حياته وعصره

من admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *