إن أول ركن من أركان الإسلام العظيمة: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتحقيق الشطر من الشهادتين وهو شهادة أن محمدًا رسول الله، تتم من خلال الأمور التالية:
أولاً: تصديق النبي في كل ما أخبر به، وأوَّله: أنه رسول الله ومبعوثه إلى الجن والأنس كافة؛ لتبليغ وحيه تعالى بالقرآن والسنة المتضمنين لدين الإسلام الذي لا يقبل الله تعالى دينًا سواه.
ثانيًا: طاعته والرضا بحكمه، والتسليم له التسليم الكامل، والانقياد لسنته والاقتداء بها، ونبذ ما سواها.
ثالثًا: محبته فوق محبة الوالد والولد والنفس؛ مما يترتب عليه تعظيمه، وإجلاله، وتوقيره، ونصرته، والدفاع عنه، والتقيد بما جاء عنه.
فعلى كل مسلم أن يسعى لتحقيق هذا المعنى؛ ليصح إيمانه، وليحقق الشطر الثاني من كلمة التوحيد، ولتقبل شهادته بأن محمدًا رسول الله، فإن المنافقين قالوا: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1]. فلن تنفعهم شهادتهم؛ لأنهم لم يحققوا معناها.
وإليك بعض الأمور التي يمكننا من خلالها العمل بمقتضى تلك المحبة، وواجب القيام بذلك الحق للنبي تجاه هذه الهجمة الشرسة عليه أن نفديه بأولادنا ووالدينا وأنفسنا وأموالنا، كلٌّ على قدر إمكاناته؛ فالكل يتحمل مسئوليته ومن خلال موقعه:
أ- على مستوى الفرد:
1- التفكير في دلائل نبوته القاطعة بأنه رسول رب العالمين، وأصلها القرآن الكريم، وما تضمنه من دلائل على صدق نبوته .
2- تعلم الأدلة من القرآن والسنة والإجماع الدالة على وجوب طاعة النبي ، والأمر باتباعه، والاقتداء به .
3- العلم والمعرفة بحفظ الله لسنة نبيه ، وذلك من خلال الجهود العظيمة التي قام بها أهل العلم على مر العصور المختلفة، فبينوا صحيحها من سقيمها، وجمعوها على أدق الأصول التي انفردت بها هذه الأمة عن غيرها من الأمم السالفة.
4- استشعار محبته في القلوب بتذكر كريم صفته الخَلقية والخُلقية، وقراءة شمائله وسجاياه الشريفة، وأنه قد اجتمع فيه الكمال البشري في صورته وفي أخلاقه .
5- استحضار عظيم فضله وإحسانه على كل واحد منا، إذ أنه هو الذي بلغنا دين الله تعالى أحسن بلاغ وأتمه وأكمله، فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، ورسولاً عن قومه.
6- عزو كل خير دنيوي وأخروي نوفق إليه ونتنعم به إليه بعد فضل الله تعالى ومنته؛ إذ كان هو سبيلنا وهادينا إليه، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيًّا عن أمته.
7- استحضار أنه أرأف وأرحم وأحرص على أمته، قال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6].
8- التعرف على الآيات والأحاديث الدالة على عظيم منزلته عند ربه، ورفع قدره عند خالقه، ومحبة الله له، وتكريم الخالق سبحانه له غاية التكريم.
9- الالتزام بأمر الله تعالى لنا بحبه ، بل تقديم محبته على النفس؛ لقوله : “لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه، وولده، ووالده، والناس أجمعين”.
10- الالتزام بأمر الله تعالى لنا بالتأدب معه ومع سنته؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2]، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [الحجرات: 3]، وقال تعالى: {لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63].
11- الانقياد لأمر الله تعالى بالدفاع عن النبي ومناصرته وحمايته من كل أذى يراد به، أو نقص ينسب إليه، كما قال تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح: 9].
12- استحضار النية الصادقة واستدامتها لنصرته، والذب عنه .
13- استحضار الثواب الجزيل في الآخرة لمن حقق محبة النبي على الوجه الصحيح، بأن يكون رفيق المصطفى في الجنة؛ لقوله لمن قال إني أحب الله ورسوله: “أنت مع من أحببت”.
14- الحرص على الصلاة على النبي كلما ذكر، وبعد الأذان، وفي يوم الجمعة، وفي كل وقت؛ لعظيم الأجر المترتب على ذلك، ولعظيم حقه علينا.
15- قراءة سيرة النبي الصحيحة، مع الوقوف على حوادثها موقف المستفيد من حكمها وعبرها، والاستفادة من الفوائد المستخلصة من كل حادث منها، ومحاولة ربطها بحياتنا وواقعنا.
16- تعلم سنته ، بقراءة ما صححه أهل العلم من الأحاديث المروية عنه ، مع محاولة فهم تلك الأحاديث، واستحضار ما تضمنته تلك التعاليم النبوية من الحكم الجليلة والأخلاق الرفيعة والتعبد الكامل لله تعالى، والخضوع التام للخالق وحده.
17- اتباع سنته كلها، مع تقديم الأوجب على غيره.
18- الحرص على الاقتداء به في المستحبات، ولو أن نفعل ذلك المستحب مرة واحدة في عمرنا؛ حرصًا على الاقتداء به في كل شيء.
19- الحذر والبعد عن الاستهزاء بشيء من سنته .
20- الفرح بظهور سنته بين الناس.
21- الحزن لاختفاء بعض سنته بين البعض من الناس.
22- بغض أي منتقد للنبي أو سنته.
23- محبة آل بيته من أزواجه وذريته، والتقرب إلى الله تعالى بمحبتهم لقرابتهم من النبي ولإسلامهم، ومن كان عاصيًا منهم أن نحرص على هدايته؛ لأن هدايته أحب إلى رسول الله من هداية غيره، كما قال عمر بن الخطاب للعباس عم رسول الله : “مهلاً يا عباس، لإسلامك يوم أسلمت كان أحبَّ لي من إسلام الخطاب، وما لي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله من إسلام الخطاب”.
24- العمل بوصية النبي في آل بيته، عندما قال: “أذكركم الله في أهل بيتي” ثلاثًا.
25- محبة أصحاب النبي وتوقيرهم، واعتقاد فضلهم على من جاء بعدهم في العلم والعمل والمكانة عند الله تعالى.
26- محبة العلماء وتقديرهم لمكانتهم وصلتهم بميراث النبوة؛ فالعلماء هم ورثة الأنبياء، فلهم حق المحبة والإجلال، وهو من حق النبي على أمته.
ب- على مستوى الأسرة والمجتمع:
1- تربية الأبناء على محبة الرسول .
2- تربية الأبناء على الاقتداء بالرسول في جميع أحواله.
3- اقتناء الكتب عن سيرته .
4- اقتناء الأشرطة عن سيرته .
5- انتقاء الأفلام الكرتونية ذات المنهج الواضح في التربية.
6- تخصيص درس أو أكثر في الأسبوع عن السيرة تجتمع عليه الأسرة.
7- اقتداء الزوج في معاملة أهل بيته بالرسول .
8- تشجيع الأبناء على حفظ الأذكار النبوية، وتطبيق ذلك.
9- تشجيع الأبناء على اقتطاع جزء من مصروفهم اليومي من أجل التطبيق العملي لبعض الأحاديث، مثل: كفالة اليتيم، إطعام الطعام، مساعدة المحتاج.
10- تعويد الأبناء عل استخدام الأمثال النبوية في الحديث، مثل: “المؤمن كيس فطن”، “لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين”، “يسروا ولا تعسروا”.
11- وضع مسابقات أسرية عن سيرة الرسول .
12- تعريف الأسرة المسلمة بحياة الرسول من خلال تطبيق مشروع (يوم في بيت الرسول).
ج- على مستوى الأئمة والدعاة وطلبة العلم:
1- بيان خصائص دعوته ورسالته وأنه بعث بالحنيفية السمحة، وأن الأصل في دعوته هو حرصه على هداية الناس كافة إلى إفراد العبادة لرب الناس.
2- العمل على دعوة الناس وهدايتهم إلى هذا الدين؛ بجميع أجناسهم وقبائلهم.
3- بيان صفاته الخَلقية والخُلقية قبل وبعد الرسالة.
4- بيان فضائل الرسول وخصائص أمته بأسلوب ممتع.
5- بيان مواقفه مع أهله وجيرانه وأصحابة رضوان الله عليهم.
6- بيان كيفية تعامله مع أعدائه من أهل الكتاب والمشركين والمنافقين.
7- بيان منهجه في حياته اليومية.
8- تخصيص الخطبة الثانية لبعض الجُمَع للتذكير بمشاهد من سيرة المصطفى ، فضلاً عن تخصيص خطب كاملة عنه من وقت إلى آخر.
9- التعليق على الآيات التي تتكلم عن الرسول عند قراءتها في الصلاة، ولمدة ثلاث إلى خمس دقائق.
10- إضافة حلقات لتحفيظ السنة النبوية إلى جوار حلقات تحفيظ القرآن الكريم في المساجد.
11- تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى عامة الناس حول سنة المصطفى ، والدعوة إلى التمسك بما صح عنه بأسلوب بسيط واضح.
12- ذكر فتاوى علماء الأمة التي تبين حكم من تعرض لرسول الأمة بشيء من الانتقاص، ووجوب بغضّ من فعل ذلك والبراءة منه.
13- العمل على ردِّ الناس إلى دينهم من خلال عرض مبسط لمواقف الرسول الدعوية.
14- التحذير في الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة من الغلوِّ فيه ، وبيان الآيات التي تنهي عن الغلو كقوله: {لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171]. والأحاديث الخاصة في ذلك كما في قوله : “لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم”، وبيان أن المحبة الصادقة هي في اتباعه .
16- حث الناس على قراءة سيرة الرسول من مصادرها الأصلية، وتبيين ذلك لهم.
17- دحض وتفنيد الشبهات والأباطيل التي تثار حول الرسول وسيرته.
د- على مستوى قطاع التعليم والعاملين فيه:
1- زرع محبة الرسول في نفوس الطلبة والطالبات، من خلال إبراز حقه على أمته.
2- الإكثار من عقد المحاضرات التي تغطي جوانب من حياة الرسول شخصيته .
3- حث مسئولي قطاعات التعليم إلى إضافة مادة السيرة النبوية إلى مناهج التعليم والدراسات الإسلامية في التخصصات الإنسانية.
4- العمل على تمويل وضع كراسي لدراسات السيرة النبوية في الجامعات الغربية المشهورة.
5- تشجيع البحث العلمي في السيرة النبوية، وحث الباحثين على تصنيف كتب السنة بتصانيف عدة مثل المغازي والشمائل.
6- العمل على إقامة المعارض المدرسية والجامعية التي تعرف بالرسول ، مع مراعاة التمثيل الجغرافي لنشأة الإسلام.
7- تخصيص أركان خاصة في المكتبات تحوي كل ما له علاقة بالرسول وسيرته والاهتمام به، وجعلها في مكان بارز.
8- العمل على إعداد أعمال موسوعية أكاديمية غنية في السيرة النبوية تصلح كأعمال مرجعية وترجمتها إلى اللغات العالمية.
9- إقامة مسابقة سنوية للطلبة والطالبات لأفضل بحث في السيرة النبوية، وتخصيص جوائز قيِّمة لها.
10- إقامة مخيمات شبابية تتضمن أنشطة تزرع محبة الرسول والتعلق بسنته.
11- إقامة دورات تدريبية متخصصة لإعداد القادة بالاقتداء بالمصطفي .
المصدر: موقع دار الإسلام.