ذم القرآن الكريم الخوض مع الخائضين وإعتبره من مظاهر الخسران والضلال.
إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّىٰ أَتَانَا الْيَقِينُ (47) ( سورة المدثر ) .
هذا الفعل أصبح يدمن عليه عدد كبير من مستخدمي الفايسبوك ، ومن أعراضه أنك ترى الفايسبوكي يقضي ساعات كل يوم في الخوض في ما يروج في الإعلام أنها قضايا الساعة .
يوم الأحد تجده يدافع دفاعا محموما عن فريقه الكروي مصرا على أن ضربة الجزاء التي تحصل عليها صحيحة لا غبار عليها . يوم الأثنين يركز اهتمامه على ملاسنة سخيفة وقعت في إحدى القنوات بين “إعلامي” و”فنان” . يوم الثلاثاء يشجب ويندد بالعدوان على فلسطين مهددا الكيان الصهيوني بأن نهايته باتت قريبة. أما يوم الأربعاء فهو يدعو إلى محاسبة كبار الفاسدين وإلى العدالة الإجتماعية. يوم الخميس، تجده يندد بلقطة لا أخلاقية وردت في إحدى البرامج التافهة داعيا إلى مقاطعة القناة. أما الجمعة فهو للتشهير بأحد “المثقفين” الذي إستهزأ بالدين الإسلامي في حين يخصص السبت للدفاع عن سياسي في حزبه ادلى بتصريح أخرج من سياقه .
هكذا تمر الايام والشهور والسنين ، وصاحبنا يعتقد أنه يخدم القضايا العادلة من خلال هذا الفضاء ، في حين أن دائرة تأثيره تكاد تكون منعدمة ، لأنه قرر الخوض في كل ما يطرح ، وبالتالي وعيه في القضايا التي يخوض فيها مشتت وضعيف جدا .كما أن استفادته أيضا محدودة جدا مقارنة بالوقت الذي يقضيه في هذا الفضاء .
من مفاسد هذا السلوك أيضا التشجيع على التفاهة التي ينشرها الإعلام والتي أصبحت بضاعة مربحة بسبب التهافت على ترويجها بين المستخدمين اشهارا أو تنديدا .
لكن السؤال الذي يطرح هنا ، الى يحق لنا الخوض في قضايا الأمة والوطن ، والدفاع على القضايا العادلة في هذا الشبكة ؟ بالطبع هذا هام ، لكن لا بد أن تحدد بوصلتك بنفسك ، وأن تختار المواضيع والقضايا التي أنت الأقدر على التأثير فيها ، وان تصنع وعيك حول هذه القضايا حتى تكون أهلا لكي تنير درب الأخرين .
شمس عروة