ولد الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم بن عبد الرحمن الثعالبي في مدينة تونس في يوم 14 شعبان 1293هـ ، 1874م.ونشأ في أسرة علم، وفضل، ودين، وجهاد.
وهو ينحدر من أصل جزائري حيث كان جده عبد الرحمن الثعالبي قد فر من الجزائر بعد احتلالها من الفرنسيين سنة 1830 .
حفظ عبد العزيز الثعالبي القرآن الكريم منذ نعومة أظفاره، ودرس النحو والعقائد والآداب قبل أن يلتحق بجامع الزيتونة الذي أمضى فيه سبع سنين، وتخرج فيه عام 1896 حاملاً شهادة التطويع، ثم تابع دراسته العليا في المدرسة الخلدونية، ثم انخرط في الحياة العامة، مجاهداً في سبيل الله، كما كان جدّه، ومن أجل النهوض بشعبه التونسي، وأمته العربية والإسلامية.
طرح ملاحظات كثيرة على أسلوب التدريس بجامع الزيتونة، ورأى أنه لا يمكن أن يكون أسلوبا ناجحا في تثقيف الشباب التونسي ثقافة إيمانية وتحررية تدفعه إلى العمل على التخلص من الاحتلال الفرنسي.
كان للثعالبي مجموعة من الآراء يرى أنه لا بد منها من أجل النهوض بالشعب، ومقاومة سائر ألوان الجمود والتخلف، حتى يكون جديراً بتحرير بلاده، قادراً على طرد الغزاة. كان يرى أن سبيل المقاومة لطرد الغزاة إنما يكون في تأسيس ثقافة عربية إسلامية، تصعيد الثقة بهذه الأمة التي هي من أعظم أمم الأرض، وأقدرها على مواجهة الأحداث.
ولهذا ركز على تكوين جيل من الشباب المسلم، قادر على العمل في سائر الميادين الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والتربوية، والدينية، ودعاهم إلى التحرر من سائر أشكال التخلف والجمود، وكان يطوف في المدن والأرياف، ليلقي دروساً وخطباً تشرح ما ينبغي أن يكون عليه الشعب من أجل النهوض.
كان يدعوهم إلى إصلاح نفوسهم، لتصلح أحوالهم، فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، حتى يستبدلوا الحسن بالسيء، وهذا لا يكون بغير العلم والتربية، فلا بدمن الجامعات التي تقوم على أسس علمية منهجية سليمة في الإحياء والتجديد، بدلاً من تلك المتزمتة التي لا تخرج إلا ذوي عقول آلية تتحرك بإرادة غيرها.
وكان يدعو إلى التخصص، فالعالم يتخصص في التعليم، والاقتصادي بالاقتصاد، وهكذا.. وكان يدعو إلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ولا يتسامح في جعل الطبيب قاضياً، والفقيه مهندساً..وكان يدعو إلى المؤسساتية، وترك الأعمال الفردية.. فلا بد من العمل الجماعي، والجهود الاجتماعية، وإنشاء المؤسسات. وكان يدعو إلى دراسة الماضي لنعتبر ونستفيد من الأخطاء التي ارتكبها الأجداد، وأدت بالأمة إلى ما هي عليه الآن من تخلف أطمع بها من دونها.
ودعا الشباب ورباهم على نبذ كل رثٍّ بالٍ عفا عليه الزمن، وكان يقول: يكفينا أن نحتفظ من ماضينا: بالدين، والأخلاق، واللغة العربية الفصحى.
كان الشيخ عبد العزيز خطيباً مفوّهاً، ومحاضراً مجيداً، وكاتباً صحفياً بارعاً، وعالماً ومؤلفاً قديراً، اتخذ من لسانه وقلمه أداتين رائعتين لكفاحه السياسي والاجتماعي والفكري، فكتب وألف، وكان لكتاباته آثارها البالغة في نفوس من تصل إليه من التونسيين والعرب والمسلمين والفرنسيين وسواهم.
ألف كتاب (روح القرآن) ثم ترجمه إلى اللغة الفرنسية، ودعا فيه إلى الإصلاح والبعد عن الجمود، فأحدث ضجة بين أبناء الجالية الفرنسية في تونس.
من أهم كتبه الأخرى:
- تاريخ شمال أفريقيا.
- فلسفة التشريع الإسلامي.
- تاريخ التشريع الإسلامي.
- مذكراته. في خمسة أجزاء.
- معجزات محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم نُشر منهما جزءان فقط.
- محاضراته في جامعة آل البيت ببغداد. وقد نشرت في الصحف البغدادية.