ma9assed

يعيش العمل الجمعياتي الإسلامي في تونس إزدهارا ونشاطا متزايدا في السنوات الأخيرة ، ويمثل الميدان الدعوي والخيري أكثر الميادين التي شملها هذا النشاط ، وهو ما يساهم في الحد من مستوى الفقر وضمان حياة كريمة لفئة وسعة من الفقراء أمام عجز الحكومات عن  إيجاد حلول جذرية للتهميش والتوزيع الغير متكافئ للثروة ، وهو ما يصب في رعاية مقصد حفظ النفس والمال .

كما تقوم العشرات من الجمعيات الدعوية بدروس ومحاضرات وعظية ودورات علمية في الشريعة الإسلامية مكنت المواطنين من اكتساب ثقافة دينية معمقة بعد سنوات من التصحر، وهو ما يخدم مقصد حفظ الدين.

من أهم المقاصد التي أهملها شيئا ما العمل الجمعياتي ، مقصد حفظ العقل . اذ يتخبط العقل المسلم اليوم في أزمات لا بد من تجاوزها لتحقيق النهضة الفكرية والعلمية لشعوبنا .

هذه الأزمات يمكن تلخيصها في النقاط التالية :

– فهم سطحي للدين يركز على الفروع على حساب الاصول و المقاصد ،  هذا الفهم يمثل في كثير من الأحيان عائقا للتفكير الحر و الإبداع خاصة مع إنتشار الفكر ألقائم على سد الذرائع  على حساب جلب المصالح .

– الخلط بين مفاهيم أساسية : كالدين والتدين ، والعقدي والسياسي ، الشريعة والفقه ، الفكري و المقدس  وهو ما يؤدي غالبا  إلى التعصب والفتن  ،  إذ يعتبر من ينتقد طريقة يراها معوجة في التدين عدوا للدين ، كما يعتقد كثير من المنتمين إلى الجماعات  الإسلامية أن كل ناقد لجماعتهم ناقدا للدين ، هذا بالإضافة لتقديس أقوال الفقهاء حتى لو تعارضت مع صريح القرأن  .

– غياب الحس النقدي وهو ما يؤدي إلى إنتشار الفكر الديماغوجي والسفسطة والدجل السياسي  وتضييع كثير من الطاقات في مشاريع هدامة تضرب وحدة المجتمع ولا تقدم شيئا للصالح العام .

– غياب ثقافة العمل والإنجاز مقابل إنتشار  ثقافة  الجدل وهو ناجم حسب  رأيي  عن عدم إكتساب  اليات التغيير  والجهل بالسنن الكونية ، وغياب المنهجية والتخطيط هذا إلى جانب ما تزرعه الأوضاع الراهنة من يأس في النفوس يؤدي إلى الإقتناع بأستحالة التغيير  .

لا بد من الجمعيات الإسلامية أن تعمل على تنمية العقل المسلم عبر زرع الأمل في النفوس ، وتنمية قدرات التفكير والتحليل بالترغيب في المطالعة وألكتابة و الإهتمام بتثقيف الناس  بالعلوم الإنسانية والدينية ، إذ كلما إختل توازن العقل و ضعفت قدراته ومداركه إختل فهم ألدين ، ذلك وأن الفهم و الإدراك الصحيح للواقع ضروري لفهم ألدين وللعمل لتحقيق مقاصده ، كما أن عدم أدرك السنن الإلهية في الكون يؤدي إلى كوارث في الفكر والعمل .

بالإضافة إلى ذلك  الإستثمار في العقل يؤدي إلى تنمية الطاقة الإبداعية والقيادية لدى الأفراد وبالتالي القدرة على الإبتكار و الثأثير في المجتمع وهو خطوة نحو إصلاح المجتمع والدفع به نحو التطور العلمي والتكنولوجي.

 

شمس عروة

من admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *