ثانيًا – أن أكون مسلمًا في عبادتي
العبادة في الإسلام هي نهاية الخضوع وقمة الشعور بعظمة المعبود .. وهي كدارج الصلة بين المخلوق والخالق، كما أنها ذات آثار عميقة في التعامل مع خلق الله .
وتستوي في ذلك أركان الإسلام من صلاة وصوم وزكاة وحج، وسائر الأعمال التي يبتغي بها الإنسان وجه الله ويتحرى شرعه .. ومنطق الإسلام يقضي أن تكون الحياة كلها عبادة وكلها طاعة، وهذا هو معنى قوله ـ تعالى ـ { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون . ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون . إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين } ( الذاريات : 56 ـ 58 ) وقوله : { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين } ( الأنعام : 163 ) .
وحتى أكون مسلمًا في عبادتي فإن ذلك يوجب علي ما يلي :
ـ أن تكون عبادتي حية متصلة بالمعبود .. وهذه درجة الإحسان في العبادة، فقد سئل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الإحسان فقال:( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) متفق عليه .
ـ أن تكون عبادة خاشعة أستشعر فيها حرارة الوصال ولذة الخشوع .. قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : ( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحدثنا ونحدثه، فإذا حضرت الصلاة كأنه لم يعرفنا ولم نعرفه ) أخرجه الأزدي . وإلى هذا يشير الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله : ( كم من قائم حظه من صلاته التعب والنصب ) أخرجه النسائي . وقوله : ( كم من صائم حظه من صومه الجوع والعطش ) أخرجه النسائي .
ـ أن أكون في عبادتي حاضر القلب، منخلعًا عما حولي من مشاغل الدنيا وهمومها، وإلى هذا يشير الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: ( لا ينظر الله إلى صلاة لا يحضر الرجل فيها قلبه مع بدنه ) مسند الفردوسي وإسناده ضعيف . وقيل : ( الصلاة من الآخرة، فإذا دخلت فيها خرجت من الدنيا ) .
وروي عن الحسن أنه قال :( كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع ).
ـ أن أكون في العبادة طمعًا لا أقنع ونهمًا لا أشبع .. أتقرب إلى الله بالنوافل استجابة لقول الله ـ تعالى ـ في الحديث القدسي : ( من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ن ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ) رواه مسلم .
ـ أن أحرص على قيام الليل، وأروض نفسي على ذلك حتى تعتاده، فإن قيام الليل من أقوى المولدات الإيمانية .. وصدق الله ـ تعالى ـ حيث يقول :{ إن ناشئة الليل هي أشد وطئًا وأقوم قيلاً } ( المزمل : 6 ) ولقد وصف الله عباده المؤمنين بقوله : { كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون } ( الذاريات : 17 )، { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقون } ( السجدة : 16 ) .
[ فيما يلي بعض النوافل التي يحسن المداومة عليها والإكثار منها : قيام الليل، صلاة الضحى، صلاة التراويح، صوم الاثنين والخميس، صوم يوم عرفة لغير الحاج، يوم عاشوراء، ستة أيام من شوال، الأيام البيض من كل شهر 13، 14، 15، والاعتكاف ] .
ـ أن تكون لي مع القرآن الكريم جلسات وتأملات وبخاصة عند الفجر، لقوله ـ تعالى ـ : { إن قرآن الفجر كان مشهودًا } ( الإسراء : 78)، أتلوه بتدبر وتفكر وخشوع وحزن لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( إن هذا القرآن نزل بحزن فإذا قرأتموه فتحازنوا ) أبو نعيم في الحلية.
كما أن علي أن أتذكر قول الله ـ تعالى ـ : { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله } ( الحشر : 21 )، وقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ) أخرجه الترمذي . وقوله : ( أفضل عبادة أمتي تلاوة القرآن ) أخرجه أبو نعيم في فضائل القرآن .
وفي حديث عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله والنور المبين والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه، لا يزيغ فيستعتب، ولا يعوج فيقوَّم، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق من كثرة الرد، اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته كل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول لكم ألم حرف، ولكن ألف ولام وميم ) رواه الحاكم .
وفي وصيته لأبي ذر : ( عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض وذخر لك في السماء ) رواه ابن حبان .
ـ أن يكون الدعاء معراجي إلى الله في كل شأن من شئوني، فالدعاء مخ العبادة .. وأن أحرص على المأثور منه، وصدق الله حيث يقول : { ادعوني أستجب لكم } ومن هذه الأدعية المأثورة :
- · عند النوم : باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فاغفر لها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين .
- · عند الاستيقاظ : الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور .
- · عند لبس الثوب وخلعه : اللهم إني أسألك من خيره وخير ما هو له، وأعوذ بك من شره وشر ما هو له .
- · عند الخروج من المنزل ودخوله : بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله .
- · عند المشي إلى المسجد : اللهم اجعل في قلبي نورًا وفي بصري نورًا وفي سمعي نورًا وعن يميني نورًا وعن يساري نورًا وفوقي نورًا وتحتي نورًا وأمامي نورًا وخلفي نورًا واجعل لي نورًا .
- · عند دخول المسجد : اللهم افتح لي أبواب رحمتك، فإذا خرج فليقل : اللهم إني أسألك من فضلك .
- · عند الطعام : اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار، باسم الله .
- · عند الانتهاء من الطعام : الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين .
- · عند دخول الخلاء : اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث .
- · عند الخروج من الخلاء : الحمد لله الذي أذاقني لذته وصرف عني أذاه .
- · عند الجماع : اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا .
- · عند الأرق : اللهم غارت النجوم وهدأت العيون وأنت حي قيوم، لا تأخذك سنة ولا نوم، يا حي يا قيوم، اهد ليلي وأنم عيني .
- · عند ختام الصلاة : من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا وثلاثين، وقال تمام المائة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر .
- · عند ختام المجلس : سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .
- · عند ركوب السيارة : الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا منقلبون .
- · عند السفر : اللهم بك أصول وبك أجول وبك أسير، اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده . اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل . اللهم إني أعوذ بك من وعثاء لسفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل والولد .
- · عند هطول المطر : اللهم صيّبًا نافعًا ( مرتين أو ثلاثًا ) .
- · عند سماع الرعد : اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك .
- · عند رؤية الهلال : الله أكبر، اللهم أهله علينا باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام والتوفيق لما تحب وترضى، ربي وربك الله .
- · عند المباركة بالزواج : بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير .
- · عند رؤية طفل: أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة .
- · عند الهم والحزن : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
- · عند زيارة المريض : اللهم أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا .
- · عند التعزية بميت : إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب .
وفي صلاة الجنازة : اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلاً خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار ..
المصدر : كتاب ماذا يعني انتمائي للإسلام لفتحي يكن
ماذا يعني انتمائي للإسلام – 1 –