قال سبحانه: “هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا”. ( آل عمران ـ 7 ).
كما قال سبحانه: “لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب”.( الحديد25).
وأخرج الدارقطني عن أبي ثعلبة الخشني أنه عليه الصلاة والسلام قال: “إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها”.
كما أخرج الحاكم وبعض أهل السنن أنه عليه الصلاة والسلام قال: “يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله: ينفون عنه تحريف الغالين وتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين”.
ليست السلفية سبة ولكنهم شباب ينشدون الحق والخير.
يصطلح دوما وفي العادة على نعت الشباب المتدين حديثا بالسلفية. غير أن النفاذ إلى الحقائق والجواهر من الأمور أولى بأولي الألباب إذ لا تكون الأسماء دوما وفية لمسمياتها. السلفية ليست سبة ولا منقصة سواء رضي بها المنعوت بها أو لفظها وخير ما ينتسب إليه هو الإسلام العظيم في صفائه وإشراقه وحسن فقهه وكفى به عزا وفخرا.
عدت مرتين إلى تونس من بعد نفي دام عقدين ونيف ثم تأكد لدي أن أكثر الشباب التونسي المتدين حديثا ممن ينعتون بالسلفية ـ بصيغة التمريض ـ ليسوا سوى شباب ينشد التدين صدقا سوى أنه تربى في مناخات موبوءة سياسيا وإجتماعيا وإقتصاديا وإعلاميا بما حجب عنه أقدارا كبيرة جدا من العلم سيما العلم بأصول الإسلام وقواعده الأساسية وعزائمه وأولوياته ومقاصده مما ييسر له من بعد ذلك حسن إستيعاب التفاصيل والجزئيات تحت سقف كلياتها والمتشابهات في ظل محكماتها.
ما وقر في ذهني ليس هو سوى أن ظاهرة التدين الحديث في تونس من لدن الشباب ذكورا و إناثا أمارة عافية في المجتمع وعلامة صحة في الأمة ولا يمكن إدراج الظاهرة برمتها سوى تحت سقف الإيجابية بل إن تلك الظاهرة ليست مسؤولة إلا بقدر صغير جدا عن جوعها العلمي أو فقرها الفقهي سيما أن التجارب التاريخية كلها أثبتت أنها ظمأة الملهوف التي سرعان ما تروى. هي ضريبة إقلاع في مبتدإها يعروها الذي يعروها ثم تستقر على خط مستقيم.
أمثلة عن أسئلة كثيرة تعكس حاجة الشباب في تونس إلى الفقه في الدين والحياة.
هذه بعض الأسئلة التي تعرض عادة في الملتقيات.
1 ـ ما هو حكم الحناء التي يزين بها العروس بعض أصابعه أو راحته؟
2 ـ ما هو حكم ما يسمى هناك باللغة الفرنسية المستخدمة (الشان)؟
3 ـ ما هو حكم التغني بمديح بردة البوصيري؟
4 ـ ما هو حكم وليمة الميت؟
5 ـ ما هو حكم ختم القرآن؟
6 ـ ما هو حكم القنوت في صلاة الصبح؟
7 ـ ما هو حكم رفع الأيدي بالدعاء؟
8 ـ ما هو حكم المعقبات الجهرية من بعد الصلاة؟
9 ـ ما هو حكم المصافحة؟
وأسئلة أخرى لا حصر لها تنبع من المشكاة ذاتها. أي مشكاة التفاصيل والجزئيات التي تعرض للمرء في حياته وللمجتمع.
ثلاث مشاكل تعترضك:
المشكلة الأولى هي: أولهما أني أجد نفسي في كل مرت أردد : هذا مباح مقيد. ثم أظل أشرح معنى المباح تمييزا له عن بقية الأحكام التكليفية العملية الأربعة الأخرى (الحرام والمكروه والمستحب والواجب) بسبب أن الأمر المسؤول عنه ليس لنا فيه دليل قطعي محكم ثابت لحرمته وما كان ذاك وضعه فلا يتجاسر المؤمن الذي يحترم نفسه ويخاف ربه أن يحشره إلى دائرة الحرمة بسبب أن تحريم الحلال مما يبغضه سبحانه بغضا شديدا ويعاقب عنه عقابا أليما ربما يفوق حال إباحة الحرام أو يساويه على الأقل لقوله سبحانه مرات ومرات : „ قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده “ وما يجري من ذلك في المعنى ذاته.
لما أعياني الأمر دعوت الشباب إلى ضرورة تعلم شيء من الفقه أصولا وقواعد ومقاصد ومقامات لحسن فقه الإسلام وإلا ظل الناس يسألون عن تلك التفاصيل والجزئيات التي لا تنتهي دون أن يهتدي واحد منهم إلى الإمساك بالميزان الثابت في الحلال والحرام أي إلى العلة التي تجعل من هذا حلالا ومن ذاك حراما بحسب معايير لا يعرفها سوى طالب العلم من مظانه وبضوابطه أو قل : طالب الفقه من أصوله.
سرعان ما يعاجلك شاب بأن كذا أو كذا بدعة. فتظل مترددا بين شرح البدعة في الإسلام وهو أمر يستغرق وقتا طويلا حتى لمن يملك بعض الأساسات الأولى الضرورية لطلب العلم فما بالك بمن يحتاج إلى معرفة بعض المصطلحات العلمية بسبب أنه يستمع إليها لأول مرة في حياته.. تظل مترددا بين ذلك وبين العكوف على أن المسألة المسؤول عنها ليست بدعة بل هي أمر مسكوت عنه في الإسلام أو أنه يمكن إلحاقها بكذا من المباحات أو قبولها عرفا معروفا من الناس لا إثم فيه. وفي الحالين لا أشعر أني وفيت الموضوع حقه.
أشعر بأن الشباب يجيدون الإصغاء ويحسنون الأدب وبهم حاجة شديدة جدا إلى طلب العلم والتفقه في الدين ولكني أشعر في مقابل ذلك بأن أكثرهم لا يعرف جدوى الإجابة ولا جدوى كلمات من مثل : مباح أو مباح مقيد وما معنى مقيد وما هي المقيدات أو عرف أو مسكوت عنه أو قطعي أو ظني أو محكم أو متشابه أو غير ذلك مما يعرفه طلبة العلم دون غيرهم. أشعر أنهم يستمعون ولكنهم لا يفهمون كثيرا مما يقال.
قلت في نفسي في إثر كل مرة: هؤلاء بحاجة شديدة وماسة إلى دورات تكوينية في العلوم الشرعية تبدأ من علوم اللغة العربية التي هي مفتاح الإسلام ولا تتوقف حتى تكمل المشوار بفقه التغيير والإصلاح مرورا بعلوم القرآن وعلوم الحديث وعلوم الفقه أصولا وقواعد ومقاصد و مقامات وعلوم العقيدة والسيرة النبوية والتاريخ وفقه السنن والأسباب وفقه الحرمات على أن يوطأ لكل ذلك بمقدمات أربع ضرورية تساعد على حسن الفقه هي : التشريع الإسلامي فلسفة وحكمة ومنهجا داخليا وأولويات ثم فقه الفهم منهجا وأسسا ثم فقه التنزيل منهجا وأسسا ثم شروط التفكير العقدي الإسلامي.
أما دون ذلك فإن العملية عبثية لا تنشئ علما ولا تنبت فقها ولكن تنشئ جدلا وتنبت جهلا وتقليدا بل ربما تثمر غرورا وأبهة أو يتطور الأمر إلى تكفير أو تفجير وفي أحسن الأحوال إلى سلبية إجتماعية لا تتعدى سقف الصلاح الفردي التقليدي الجاهل وبذلك تحرم تونس والأمة من طاقات شبابية حية نابضة ناهضة كفيلة بتغيير وجه التاريخ ومواصلة الثورة لو إستوعبها منهاج تكويني إسلامي طويل المدى مؤصل في الدين وفي الواقع وفي حاجات الناس والعصر.
المشكلة الثانية هنا هي: أغلب الشباب لا ينتسبون إلى مذهب فقهي معروف محدد فلا هم مالكية ولا هم أحناف ولا هم حنابلة ولا هم شافعية ولا هم ظاهرية ولا هم زيدية ولا إثنا عشرية ولا هم أباضية بل إن كثيرا منهم لا يقيم لذلك وزنا كبيرا. كثير من المسائل التي تملك عليهم إهتماماتهم من مثل ما ذكر آنفا إما أن تكون من المختلف فيه بين المذاهب الفقهية المعروفة التي يتدين بها المسلمون اليوم في مشارق الأرض ومغاربها بما يعني أن في الأمر سعة أو أن تكون أقوالا مرجوحة عند هذا أو ذاك أو إجتهادات متأخرة لا تكون وفية لغير بيئاتها التي أثمرتها بسبب أنها نتاج أعراف وتقاليد بلت وغبرت. إذا حدثتهم عن سبب الإختلاف في تلك المسائل بين مذهب وآخر فإنهم يعيرونك آذانهم بل وقلوبهم ولكنهم لا يفهمون معنى ذلك وما الحاجة إلى ذلك بل وما الحاجة إلى إجتهادات ومذاهب ومدارس وإختلافات في الآراء كلما كان القرآن ثابتا والسنة كذلك. وهنا تحتاج إلى كتم جرعات من الأسف ثم إلى محاولة لبسط الأمر بلغة يسيرة ولكن الوقت يداهمك ويداهمهم.
المشكلة الثالثة هي: تعييك محاولات الدفع بالشباب إلى الإلتحاق بركب الدعوة الإسلامية المعاصرة فكرا وإهتماما وليس بالضرورة إنتماء إلى هؤلاء أو أولئك بغرض إتاحة فرصة لحسن فقه الواقع والأعراف والتقاليد والمقاصد والمآلات وحسن إستيعاب التعدد والإختلاف والتنوع. يعييك ذلك الدفع لإعتقادك أن خير دواء لتلك الأسئلة التفصيلية الجزئية المحيرة هو الإنتظام تحت سقف الدعوة الإسلامية المعاصرة الجامعة بين محكمات الكتاب وخيارات الميزان وضرورات الحكمة بما يتيح للداعية من نصب سلم للأولويات ومراتب للأعمال يمكنه من حسن التوجيه والإرشاد إلى التي هي خير في الدين والدنيا بدل العكوف على ما يفرق ولا يجمع أو على ما يرسب الشحناء والبغضاء ولا يوطئ الأكناف.
إذا تحول المتدين إلى داعية على بصيرة بالمنهاج الإسلامي للدعوة نجى نفسه من سجن المختلف فيه من الصغائر والمؤخرات ومن ذوات الأسعار المنخفضة في سوق القيم الأخلاقية والدعوية ثم نجى غيره. أما إذا حكم على نفسه بالمكوث في ذلك السجن ومن ورائه سجن الجهل بما ييسر له خير عبور وأشده أمنا إلى ساحات الجهاد والمقاومة والعلم والبناء والعمــارة .. إذا حكم على نفسه بذاك فقد حكم على حياته بالشلل وهو شاب في ريعان شبابه.
كلمة أخيرة.
إذا حال نظام الذيل المخلوع بيننا وبين الشباب لإجراء حوارات في الإسلام تنير لنا جميعا دروب الإيجابية والفعل والتدين الصحيح الأدنى إلى محكمات الكتاب وخيارات الميزان وضرورات الحكمة.. فإن مناخات ما بعد الثورة لا تحول دوننا ودون ذلك سوى أن الأمر يتطلب تفكيرا وتخطيطا لحسن البداية وإنتظام العمل وضمان تأثيره ضمن معاهد للتكوين الشرعي بمبادرات أهلية حرة حتى ينتظم ذلك تحت سقف المعلم الذي وهب لتونس مجدها أي الزيتونة بفروعها التي لا بد لها أن يكون كل واحد منها في كل جهة زيتونة لا شرقية ولا غربية تفيء على الناس بالعلم والخلق والخير والهداية والدعوة.
والله أعلم
الشيخ الهادي بريك
المصدر : الحـــــو ا ر نــــــــــــــت
بيان أي العلوم أولى تحصيلا وأنه معرفة الله ورسوله
قال الله تعالى ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [سورة محمد/19]، هذه الجملة من القرءان فيها إشارة إلى علمين:
– علم التوحيد بقوله ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ﴾ [سورة محمد/19]
– وعلم الفروع بقوله: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [سورة محمد/19]،
وقد قدّم الله تعالى ما فيه إشارة إلى علم التوحيد على ما فيه إشارة إلى علم الفروع؛ فعلمنا من ذلك أنه أولى من علم الفروع وهو أفضل العلوم وأعلاها وأشرفها وأولاها، وقد خصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه بالترقّي في هذا العلم فقال [فوالله إني لأعلمكم بالله وأشدّكم له خشية] رواه البخاري. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أيُّ العمل أفضل فقال [إيمان بالله ورسوله]، لأن الأعمال الصالحة لا تقبل بدون الإيمان بالله ورسوله.
وروى مسلم عن عائشة أنها قالت: قلت: يا رسول الله، ابن جُدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين، فهل ذاك نافعه؟ قال [لا ينفعه، إنه لم يقل يومًا ربّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين]، فاعتبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل عبد الله بن جدعان من التصدق على المحتاجين وصلة الرحم وغير ذلك غير نافع له لأنه لم يكن يؤمن بالله. وكان عبد الله مفسدًا في مكة فطرده أبوه، قال له لست ابني، فكره الحياة فذهب إلى جبل فوجد شقًّا فقال لعلّ في هذا ثعبانًا يقتلني، فوجد ثعبانًا عيناه تلمعان فظنه ثعبانًا حقيقيًّا فاقترب فوجده ثعبانًا من ذهب إلا عيناه من لؤلؤ، فطمع في الحياة.
وقال الغزالي [لا تصح العبادة إلا بعد معرفة المعبود]، أي أن من لم يعرف الله تعالى بل يشبّهه بخلقه بالضوء أو غيره، أو اعتقد أنه ساكن في السماء أو أنه جالس على العرش أو وصفه بصفة من صفات البشر، فهذا عبادته تكون لشىء توهمه في مخيلته فيكون مشركًا بالله، فلا تصح عبادته.
وروى ابنُ ماجه عن جندب بن عبد الله قال [كنّا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة فتعلّمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرءان، ثم تعلمنا القرءان فازددنا به إيمانًا].
وقال الشافعي رضي الله عنه [أحكمنا ذاك قبل هذا]، أي أتقنّا علم التوحيد قبل فروع الفقه.
وقال أبو حنيفة في الفقه الأبسط [اعلم أن الفقه في الدين أفضل من الفقه في الأحكام].
وقال أيضًا [أصل التوحيد وما يصحّ الاعتقاد عليه وما يتعلق بالاعتقاديات هو الفقه الأكبر].
وقال الإمام أبو الحسن الأشعري [أول ما يجب على العبد العلم بالله ورسوله ودينه].
ومما يجب معرفته على كل مكلّف ثلاث عشرة صفة لله تعالى وهي: الوجود، والقِدم، والوَحدانية، والبقاء، والقيام بالنفس، والمخالفة للحوادث، والقدرة، والإرادة، والعلم، والحياة، والسمع، والبصر، والكلام. ذكر ذلك عبد المجيد الشرنوبي، والفضالي وقبلهما صاحب السنوسية وأبو بكر الدمياطي المشهور بالسيد البكري في كتابه “إعانة الطالبين”، والبيجوري صاحب “شرح جوهرة التوحيد”، وأحمد المرزوقي صاحب “عقيدة العوام”، وغيرهم كثير.
ثم إنه لأهمية هذا العلم ألّف العالم المتكلم الفقيه محمد بن هبة الله المكي رسالة سمّاها “حدائق الفصول في علم الكلام” والتي اشتهرت فيما بعد باسم “قصيدة أو عقيدة ابن مكي”، وقد أهداها للسلطان يوسف صلاح الدين رحمه الله فأقبل عليها وأمر بتعليمها حتى للصبيان في المدارس، فقرر تدريس هذه القصيدة في المدارس فسميت لذلك بالعقيدة الصلاحية، وقد كان صلاح الدين عالمًا فقيهًا شافعيًّا له إلمام بعلم الحديث يحضر مجالس المحدثين وله رواية عنهم، حفظ التنبيه في الفقه الشافعي.
وفي الفتاوى البزازية ما نصه [تعليم صفة الخالق مولانا جل جلاله للناس وبيان خصائص مذهب أهل السنة والجماعة من أهم الأمور، وعلى الذين تصدوا للوعظ أن يلقنوا الناس في مجالسهم على منابرهم ذلك قال الله تعالى ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سورة الذاريات/55] وعلى الذين يؤمون في المساجد أن يعلموا جماعتهم شرائط الصلاة وشرائع الإسلام وخصائص مذاهب الحق، وإذا علموا في جماعتهم مبتدعًا أرشدوه وإن كان داعيًا إلى بدعته منعوه، وإن لم يقدروا رفعوا الأمر إلى الحكام حتى يجلوه عن البلدة إن لم يمتنع. وعلى العالم إذا علم من قاض أو من ءاخر يدعو الناس إلى خلاف السنة أو ظن منه ذلك أن يعلم الناس بأنه لا يجوز اتباعه ولا الأخذ عنه، فعسى يخلط في أثناء الحق باطلاً يعتقده العوام حقًّا ويعسر إزالته] اهـ.
ثم قال [ومن اعتقد الحلال حرامًا أو على العكس يكفر] اهـ.
ثم قال [قال الإمام الزاهد الصفار: لا يستثني مؤمن في إيمانه فإن ابن عمر رضي الله عنهما أخرج شاة ليذبح فمر به رجل فقال: أمؤمن أنت؟ فقال: نعم إن شاء الله تعالى، فقال: لا يذبح نسكي من يشك في إيمانه، ومر به ءاخر وقال: أنا مؤمن، فأمره بالذبح فلم ير من يستثني في إيمانه أهلاً للذبح، وقال الزاهد: يجب إكفار القدرية – أي المعتزلة – في نفيهم كون الشر بخلق الله تعالى وفي دعواهم أن كل فاعل خالق فعل نفسه، ويجب إكفار الكَيْسانية في إجازتهم البَداء على الله تعالى” اهـ. ثم قال: “وأحكام هؤلاء أحكام المرتدين] اهـ، ثم قال [ويجب إكفار الخوارج في إكفارهم جميع الأمة سواهم].ا.هـ.
وقال العلامة البياضي الحنفي ما نصه [الثانية: وجوب بيان مذهب أهل السنة ليعرف أهلها ويحب من اتصف به من المسترشدين، ورد مذاهب المخالفين ليجتنب عنها كل أحد ويبغض الزائغين، فقد قال مشايخنا رحمهم الله تعالى: تعليم صفة الإيمان للناس وبيان خصائل أهل السنة والجماعة من أهم الأمور، وألّف السلف فيها تآليف كثيرة كما في سير الذخيرة والتتارخانية، وأشار إليه بقوله: إذا مال إلى الحق وعرف أهله كان لهم وليًّا].ا.هـ.