يوم السبت 03 ديسمبر 2011 مدينة العلوم بتونس العاصمة
ملتقى تدريبي حول العمل الاغاثي والتطوعي تحت اشراف الدكتور ” هاني البنا ” رئيس مؤسسة المنتدى الانساني ومؤسس جمعيات الاغاثة الاسلامية عبر العالم
تعرض الدكتور هاني البنا خلال 4 حلقات تكوينية الى دور العمل الاغاثي والتطوعي واهميته في مختلف جوانب حياة الانسان والنهوض بالامة وبناء مجتمع جديد فكان السؤال المحوري في هذه التدورة التدريبية هو : كيف نحول العامل الاغاثي والتطوعي الى ” ثقافة مجتمع ” وقاسس الدكتور هاني البنا تدخلاته على منهجية ممتازة قامت على ركيزتين اساسيتين هما : تشخيص الامراض المجتمعية الواجب التصدي لها عبر الجمعيات التطوعية
العمل التطوعي والاغاثي والخيري ودوره في ايجاد حلول لهذه الامراض المجتمعية أولا: تشخيص الامراض المجتمعية تعاني مجتمعاتنا بمختلف انتاماءاتها العرقية والاثنية والطائفية والمذهبية … من امراض لاحظ الدكتور عبر جولته على 14 دولة بانها تتفق حول نفس الامراض وتواجه نفس العراقيل لتجاوزها والقضاء عليها ومن ثم تم التعرض الى الى بعض هذه الامراض المجتمعية مثل التفكك الاسري: والناتج عن السياسة الاقتصادية والاجتماعية الخاطئة المتبعة من عديد الحكومات بما في ذلك الدول الصناعية المتقدمة مما يؤدي الى البطالة والفقر وانعدام القيم الاخلاقية والدينية داخل المجتمع فتتاثر العائلات سلبا بما يصاحبه من غياب للمراقبة والمتابعة لابنائهم مما يؤثر سلبا على الاطفال لان” فاقد الشيء لا يعطيه ” ا الانقطاع المبكر عن الدراسة : وطبعا فهطذا نتاج ما تم ذكره سابقا من سياسات خاطئة اضافة الى الشياشات التربوية التي همشت وقزمت دور المربي مما حولته الى الة لتقديم المعلومة دونما روح لاضفاء القيم والاخلاق وعلى راسها قيمة المواطنة ولا ادل على ذلك الا بالسؤال التالي المحير : لماذا تغيب لدى ابنائنا المواطنة حيث ندرسهم المواطنة ؟ ” الجواب طبعا هو اقتصار المربي على تعداد المعلومات دون الانتفال الى مرحلة تحقيقها على ارض الواقع حتى تترسخ في اذهان ابنائنا قولا وعملا. ظاهرة الادمان : وهي من اخطر ما ينخر مجتمعاتنا البشرية على اختلاف انواعها ولا بد من التنوية الى ان اسبابها تعود لماذا تم التعرض اليه انفا دونما اغفال الاسباب الرئيسيية الا وهي راس المافيا التي تستفيد من تجارتها على حساب استقرار المجتمعات وامنهم وما تحريم الاسلام لشرب الخمر الا دليل واضح – بالرجوع الى فقه الاباب – على وعي الدين الاسلامي بخطورة ذلك على الاسر باعتبارها العمود الفقري لكل مجتمع يصلح بصلاحها وينهار بانهيارها أطفال الشوارع: هم بدورهم نتاج للاسباب المذكورة اعلاه دونما اغفال للاسباب الموضوعية وراء ظهورهم والطفل على معنى القانون التونسي هو كل من لم يبلغ 18 عاما كاملة من عمره ما لم يتم ترشيده في صور استثنائية واطفال الشوارع صنفان صنف مادي يتمثل في الطفل الذي ليس سند عائلي وصنف معنوي يتمثل في الطفل الذي بالرغم من تمتعه بالسند العائلي فانه خارج عن اي رقابة عائلية مما يتيح له حرية التصرف وارتكاب الاخطاء على اختلاف خطورتها ويعتبر الصنف المعنوي اخطر وضعا من الصنف المادي لانه غير ظاهر للعيان على خلاف الصنف الاول الذي يسهل التفطن اليه ومتابعته والى جانب هذه المشاكل المتعلقة بالاسرة فقد تم تشخيص مشاكل اكبر مرتبطة بالفساد المستشري والذي ينخر جسد الامم والشعوب وللدولة فيه باع كبير الفساد الاداري: لقد اكد الدكتور هاني البنا على ان الفساد الاداري بمختلف اصنافه انما يعود الى قاعدة مشهورة وهي ” زواج المال من السلطة ” كلما تحققت الا وانتشر الفساد في المجتمع انتشار النار في الهشيم بل وازدادت صعوبة تشخيصه والتفطن اليه ومن ثم مقاومته ومعالجته لما يتمتع به من حصانة سياسية وتتحدد الطبقة الفاسدة هذه في بطانة وحاشية الرئيس والوزير واصحاب النفوذ والقرار غير ان الفساد يشمل الافراد ايضا في مختلف المجالات وتم الاتفاق على ان الثورات العربية قامت على اكبر اساس وهو الفساد المستشري لدى الطبقات الحاكمة ومكا خلفته من حقد وكراهية من الطبقة التي تم تفقيرها عنوة من اجل استثراء قلة قليلة من الانتهازيين واصحاب رؤوس الاموال دون ان ين نعمم لانه وكما قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ” الخير في وفي امتي الى يوم الدين ” وكما قال الله تعالى في محكم تنزيله ” انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون ” صدق الله العظيم وفي تحديد مفهوم الفساد تم الاتفاق على انه استغلال النفوذ واكتساب فائدة للشخص بدون وجه حق واستغلال سلطته لتحقيق ذلك والرشوة والمحسوبية وغير ذلك كثير التطرف: وهو نتاج للسلبيات التي تم التطرق اليها اعلاه يضاف الى ذلك شعور الفرد بغربته داخل وطنه وحرمانه من ابسط حقوقه وحرياته والاعتداء باستمرار على كرامته وقيمه التي يؤمن بها مما يولد لديه شعورا بالنقمه تجاه هذه التناقضات وباعتبار ان باب الحوار مسدود امامه كما انه لا يمكن تغيير هاته الاوضاع السيئة عبر التداول السلمي الى السلطة فانه يجنح الى العنف من اجل تحقيق مايراه وما يعتقد انه الصحيح وخلاصة القول ان العنف يولد العنف والتطرف يولد التطرف والارهاب
التلوث البيئي والتغييرات المناخية: عرف الدكتور البنا التلوث البيئي بانه ” كل تغيير سلبي بفعل فاعل لاحد الخصائص الطبيعية المكونة للمادة مما يجعلهغير قابل للاستعمال بل ومضرا بصحة المخلوقات والكائنات الحية ويهدد السلسلة الغذائية والحيوانية.كما يؤدي بدوره الى احداث تغييرات سلبية على المناخ مما يؤدي الى اختلال جميع التوازنات الكونية ويضر بصحة جميع الكائنات الحية. واما عن اسبابه فتم الاتفاق على تنوعها من البسيط كرمي احدى الفضلات في طريق العام او الاستعمال المثكف للادوية والاسمدة الزراعية مرورابانبعاثات الغازات السامة من السيارات والمصانع ووصولا الى التجارب النوووية والتسربات الاشعاعية من المفاعلات النووية ودفن النفايات النووية في البلدان الفقيرة النزوح والهجرة غير الشرعية:أولا النزوح اساس ظاهرة النزوح هو غياب التوزيع العادل للثروات واستهتار الحكام بمقدرات شعوبهم وخيراتها ليحلوا مكان المستعمر باسماء جديدة اضافة الى السياسات الاقتصادية الفاشلة القائمة على التهميش الجهوي وتركيز الاهتمام على المدن الساحلية وحرمان المواطن في المناطق الداخلية او الجنوبية من ابسط مقومات العيش الكريم كالعمل والترفيه والزواج والسكن مما يؤدي الى انتشار احزمة حمراء حول المدن تعرف بالبناءات العشوائية والفوضوية وتمثل بيئة ممتازة للجريمة وللارهاب … بالرغم من حصوله على الشهائد العلمية مما يدفع به الى التفكير في ” الحرقان “ونعني بذلك الهجرة غير الشرعية ثانيا: الهجرة غير الشرعية: تم الاتفاق على تعريفها بانها ” اجتياز المواطن لحدود بلاد اخرى خلسة ” وهي جريمة يعاقب عليها القانون الدولي والقوانين الوطنية لكن ما هي اسبابها؟ الى جانب ما تم ذكره انفا من سياسات خاطئة للحكومات على مختلف الاصعدة فان ذلك يعود الى عقلية ترسخت لدى فئة كبيرة من الشباب وخاصة البهرج الذي يلاحظه عند عودة اصحابه من ارض المهجر دون ان يدري حقيقة ما يعانيه ذلك المتغرب عن وطنه في سبيل اللقمة التي قد تكون حلالا كما قد تكون حراما فيبدا شبابنا في التخطيط للانتقال الى الجنة الموعودة ويضحي بالغالي والنفيس من اجل ذلك الوهم والمضحك المبكي ان ان ما يبذله شبابنا من اموال في سبيل تحقيق ذلك قد يمكنه من انشاء مشروع لحسابه الخاص لكن شبابنا يبحث عن الاثراء السريع الذي غالبا ما يفقده حياته بدخول عالم المافيا بشتى انواعها وانشطتها الغير قانونية يضاف الى ذلك ان هناك من يعيش استقرار ماديا ومعى ذلك يقوم بعملية الحرقان بسبب غياب الديمقراطية والحقوق والحريات داخل وطنه غياب الديمقراطية والحريات : وهو حوصلة لما تم التعرض اليه سابقا من فساد اداري ممنهج ويتراسه الفساد الامني الذي تاسست عليه نقمة شعوب الربيع العربي في الثورة على انظمتها الفاسدة والتي ارتبطت بالكرامة والعمل والحرية والسكن ومن بين تلك الشعارات التي رفعت شعار “العمل استحقاق يا عصابة السراق ” وبذلك فان تغيين السلطة لحرية المواطن ولحقوقه ولحرياته من شانها ان تقلب الطاولة في يوم ما على رؤوس المستبدين ولكن ما زال من الحكام نمن لم يتعض بعد فمتى يتعض؟ الركيزة الثانية: العمل التطوعي والاغاثي والخيري ودوره في ايجاد حلول لهذه الامراض المجتمعية يرى الدكتور البنا في مداخلاته – ويسانده في ذلك المشاركون من خلال ما استنتجوه عبر ورشات العمل التي كونوها – هو ضرورة ان تلعب الجمعيات التطوعية والاغاثية والخيريبة الدور الريادجي في المساعدة على التصدي لمثل هذه الامراض ثم وفي مرحلة ثانية ان تكون لها الريادة على الحكومة في ايجاد الدواء الناجع لهذه الامراض من خلال التصدي لااسبابها استئناسا بالقاعدة الشهيرة ” الوقاية خير من العلاج ” ومن اجل ذلك تم اقتراح ما يلي
الجمعيات التطوعية وبناء القيادات
على الجمعيات ان تتحمل مسؤولية تكوين القيادات الشابة القادرة على حمل المشعل وذلك من خلال تكوين شخصية سوية لابنائنا واعطائهم الفرصة تلو الاخرى لانجاز المشاريع الخيرية وتوليته مناصب قيادية حتى يشعر بقيمته وبدوره الفعال داخل الجمعية مما يشجعه على الاستمرار في هذا العمل ومضاعفة الجهد ولكن لا سبيل لتحقيق ذلك – الى جانب الدورات التكوينية والتدريبية – الا بارساء مفهوم التداول السلمي على القيادة داخل الجمعية نفسها اذ لم يعد مقبولا ان يتولى رئيسي الجمعة مهمة قيادتها الى ان يرث الله الارض ومن عليها من خلال توريث تلك القيادة لافراد عائلته ولا بد من الاعتبار من محاولات توريث الحكم في دولنا العربية العمل التطوعي والنهوض بقطاع الخدمات: اكد الدكتور على حقيقة لا مفر منها وهي ضرورة ان تتصدى الجمعيات الخرية لتولي هذه المهام الخدماتية للمصلحة العامة سواء زمن السلم او زمن الازمات او زمن الحرب بحيث لا يمكن الاستكانة والقاء المهمة على الحكومات وحدها فلا بد من تدخل الجمعيات في هذا المجال ومن اجل ذلك لا بد من تشريك ذوي الخبرات كل في ميدان اختصاصه مع حسن استغلال وسائل الاعلام للتعريف بالعمل الخيري وللتعريف باهميته تجاه المجتمعات
الجمعيات التطوعية والاقراض العائلي وتكوين المشاريع الصغرى:
ا” لو كان الفقر رجلا لقتلته ” هي حكمة الامام علي كرم الله وجهه من خلالها اكد الدكتور البنا على ضرورة ان تلعب الجمعيات التطوعية والخيرية دور المساعد للمحتاجين كي توفر لهم مصدرا للرزق آخذين في ذلك بالقصة التي رواها لنا الدكتور البنا حول رجل جاء للحبيب المصطفى يطلب مالا فاقام مزادا لبيع عمامته جلبت له 3 دراهم اعطاها للسائل قائلا درهم لاهل بيتك ودرهم لتشتري فاسا ودرهم لتشتري حبلا وطلب منه ان لا يرجع اليه الا بعد مدة فلما عاد الرجل وجده الحبيب المصطفى قد اصبح ذا كسب حلال ولم يعد محتاجا كما كان هكذا نتعلم في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم لنتعبر ان اليد العليا خير من اليد السفلى والجمعية مطالبة لتقديم المساندة والدعم من خلال لعب دور الوساطة بين باحثي الشغل وبيبن المؤسسات الخاصة واصاب الاموال ليساعدوهم على تكوين مساريع صغرى وربما تصبح بفعل المثابرة والاجتهاد من المشاريع الكبرى التي بعد ان كان صاحبها بحثا عن عمل سيصبح مشغلا لغيره من المعطلين عن العمل ولنجاح هذه العملية على الجمعية المتدخلة ان تدرس جدوى تلك المشاريع مع اصحاب الافكار والرجوع الى متطلبات السوق الاتهلاكية ومدى قدرتها التنافسية وايضا مدى جدية صاحب المشروع في تنفيذ مشروعه من خلال ايمانه بما ييرد ان يفعل فالايمان بالقضية امر لا يمكن الاستغناء عنه وضرب لنا مثلا عن جميل المدينة المنورة كيف ارسله الرسول الاكرم بمفرده فاستطاع ان يدخل اهلها في دين الله الواحد الاحد وما كا له ان يحقق ذلك لو لم يكن مؤمنا ايمانا قاطعا بما يفعل