254945_504477116249888_1890524889_n

البيان الختامي والتوصيات  لمؤتمر الاجتهاد بتحقيق المناط ( فقه الواقع والتوقع)
في الفترة من 8-10 ربيع الآخر 1434هـ الموافق 18-20 فبراير 2013م  بالكويت

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد فقد تمت بحمد الله تعالى وتوفيقه وقائع لمؤتمر الاجتهاد بتحقيق المناط ( فقه الواقع والتوقع)، أيام من 8-9-10 ربيع الآخر 1434هـ الموافق لـ18-19-20 فبراير 2013م بدولة الكويت، حرسها الله وبلاد المسلمين بشراكة مباركة بين وزارة الاوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت والمركز العالمي للتجديد والترشيد بلندن واللجنة العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بدولة الكويت.

وقد افتتحت الندوة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم ثم كلمة لراعي المؤتمر وزير العدل والاوقاف والشئون الإسلامية السيد / شريدة المعوشرجي، وقد ناب عنه معالي السيد / هاني عبد العزيز حسين – وزير النفط كما القى الدكتور
عادل الفلاح وكيل وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية ورئيس اللجنة التحضيرية للندوة بدولة الكويت كلمة أكد فيها على أهمية موضوع المؤتمر وأنه عين التجديد المطروح على الساحة ، وأن الامة بحاجة إلى هذا النوع من الاجتهاد حتى تواجه دعوات التطرف والغلو  والإقصاء التي تنزل الأحكام على غير محالها ، ثم تحدث معالي الدكتور / احمد التوفيق وزير الاوقاف والشئون الإسلامية بالمملكة المغربية ممثلاً للضيوف والمشاركين أعرب فيها عن أمله في أن يحقق المؤتمر أهدافه وغاياته لا سيما وأن واقع العالم الإسلامي يعاني من حاجة شديدة إلى فقه الواقع ،
وألقى كلمة المركز العالمي للتجديد والترشيد بلندن رئيس مجلس الأمناء الاستاذ الدكتور / عبدالله عمر نصيف أعرب فيها عن سعادته الكبيرة باستضافة الكويت لاعمال هذا المؤتمر العالمي شاكراً الكويت على حسن الرفادة وكرم الضيافة.

وقد انطلقت الأعمال العلمية للندوة المباركة بالاستماع للورقة التأطيرية الضافية التي ألقاها سماحة  الشيخ العلامة الدكتور عبد الله بن بيه – حفظه الله- ثم توالت الجلسات المدرجة في البرنامج التي تضمنت أربعة وعشرين بحثا موزعة على محورين رئيسيين :

المحور الأول : في تأصيل الاجتهاد بتحقيق  المناط ،وقد عالج فيه السادة العلماء والباحثون التعريفات والمصطلحات ذات الصلة وتأصيل منهج الاجتهاد بتحقيق المناط ، وثمراته ، ومآلاته ، والاختلاف فيه ، وما يترتب على الإخلال بضوابطه ومسالكه.

المحور الثاني : في تنزيل هذا الاجتهاد ، وقد عولجت فيه قضايا كلية ومفاهيم محورية مرتبطة بالمجال السياسي والاقتصادي والمالي ، والاجتماعي والعلاقات الدولية

وقد انتهى السادة العلماء المشاركون في الندوة إلى جملة من المبادئ المهمة في دراسة الموضوع ، وعدد من التوصيات المتعلقة به وهي :-

  1. 1.    نوه المؤتمرون بأهمية فقه الواقع والتوقع وحاجة الأمة إلى معرفة واقعها وقدراتهاوخصوصياتهاوظروفها وأحوالها، والحقائق الموضوعية مع ملاحظة التغيرات الهائلة التي جدت في العالم من حولنا .
  2. 2.  إن الاجتهاد في تحقيق المناط هو صنو الاجتهاد في تفسير النصوص الشرعية وفي منظومة التعليل، وله أصول وقواعد  يجب مراعاتها في تطبيق الأحكام  على محالها المناسبة التي توجهت إليها إرادة الشارع بالتناول والشمول.
  3. 3.  الحاجة إلى تتبع فقه تحقيق المناط في تطوره عبر تاريخ الأمة بما يبرز منزلته وحجيته وأثره في تجديد الفقه واستيعابه للتحولات والمستجدات بدءاً بتحقيقات النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وسائر العلماء من بعدهم ، ومن شأن هذا العمل العلمي أن يؤسس للموسوعة التاريخية لتحقيق المناط .
  4. 4.  الاهتمام بتراث نوازل الاحكام الفقهية جمعاً ودراسة واستثماراً لما يختزنه هذا التراث من قواعد منهجية وخبرة تطبيقية  تساعد المجتهدين والدارسين المعاصرين على إعمال تحقيق المناط.
  5. 5.   أهمية ضبط الاجتهاد بتحقيق المناط من حيث المباني الأصولية، والمفاهيم الكلية والقواعد المنهجية ، قبل توظيفه واستعمالهفي معالجة جزئيات الوقائع، حتى يكون ذلك عونا لأهل العلم على ممارسته على الوجه المطلوب ، وحتى يكون اجتهاداً صادراً من أهله وواقعاً في محله.
  6. 6.  إن الاجتهاد بتحقيق المناط إنما يعتد به إذا تأسس على تعامل صحيح مع النص الشرعي وفق القواعد المقررة في علم الأصول من حيث الثبوت والدلالة والتعليل، والفهم الصحيح التام للواقع ، ومراعاة أصول الشريعة وكلياتها ومقاصدها ، والتفطن لانطباق الأحكام على جزئيات الواقع.
  7. 7.  أن مسالك تحقيق المناط ووسائله غير منحصرة أو محددة ، وأنه يجب أن تشتمل على المسالك الحديثة والجديدة من دراسات مسحية واجتماعية وميدانية واستقصائية .
  8. 8.  تطرق المؤتمرون الى بعض المسائل المهمة في الساحة الإسلامية وهي مسألة تقسيم الدار ومسألة جهاد الطلب ومسألة الولاء والبراء ومسألة تطبيق الشريعة ، ومسألة التضخم وآثاره ، ومسألة الضمان ومسألة الصكوك ، وخلصوا إلى أهمية تحرير هذه المسائل تحريراً دقيقاً وفق الأطر العلمية المتبعة في ذلك ، وتحقيق المناط فيها بما يلائم الواقع المعاصر.
  9. 9.  إن تحقيق المناط في معظم القضايا المعاصرة سواء كانت في المجالات السياسية الاستراتيجية أو في المجالات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية جدير بأن يكون ناشئاً عن جهد جماعي  ومنبثقاً عن مؤسسة تضم ثلاث فئات :-

الفئة الأولى : فقهاء الشريعة ممن لهم باع في الفقه وأصوله ، ومعرفة واسعة بمعطيات العصر وطبائع العمران.

الفئة الثانية : خبراء من أهل القانون ممن لهم اليد الطولى في صناعة التشريع وصياغة القوانين.

الفئة الثالثة : علماء متخصصون في المسائل والمواضيع التي يراد تحقيق مناطها وتكييفها، وذلك ليقدموا البيانات اللازمة في تصور الموضوع الذي يراد معرفة حكمه.

  1. 10.               ان تحقيق مناطات الاحكام الشرعية بعضها موكول إلى العلماء وبعضها الآخر يقع تحت اشرافهم اعتماداً على تقارير الخبراء وإفادات المتخصصين وخبرات مؤسسات الدولة وهيئاتها ، وبعضها موكول الى عموم افراد الأمة في شئونهم الخاصة.
  2. 11.        ان تتبع تحقيق علماء الأمة لمناطات الاحكام أفاد أنها تؤول غالباً إلى أربعة مآلات :

–  الأول : تنزيل الحكم على محله

– الثاني : عدم تنزيله اذا ذهب محل أو تبين ان المحل المحقق فيه ليس مناسباً لتنزيله.

– الثالث: تنزل الحكم على محله بصورة مغايرة تخصيصاً أو تقييداً.

– الرابع : اختلاف الأحكام باختلاف الأحوال وقرائنها .

  1. 12.        إن كثيراً من الاخطاء والمزالق التي أعترت اجتهادات فقهية لتحقيق المناط قديمة وحديثة ناتجة عن إخلال بضوابط تخريج المناط وتنقيحه.

13. رصد وتتبع المزالق المنهجية الواقعة في تحقيق المناط التي تنتج فتاوى وآراء فقهية تجنح إلى الغلو والإفراط أو التفريط.

  1. 14.               أن من واجب العلماء المكلفين بالفتوى أن يعتنوا بتحقيق المناط ، مستعينين بأهل الخبرة في مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع ، وأن تتضمن فتاواهم  وقراراتهم الفقهية – عند تعذر تطبيق حكم من الأحكام لمانع قاهر – الحث على السعي إلى إزالة ذلك المانع بالطرق المشروعة

 

هذا ويوصي المؤتمر بما يلي : –

  1. 1.      التحضير للمؤتمرات القادمة بتنظيم ورش عملمستقلة يستدعى لها أهل الخبرة بالواقع  تكون نتائجها وخلاصاتها وتقريراتهابمثابة أرضية تنطلق منها المشاريع والدراسات المحققة للمناط على سبيل التعيين والتفصيل في مختلف مجالات الحياة .
  2. 2.  يوصي المؤتمر بإقامة ورش عمل فقهية متخصصة تتعلق بكل موضوع من الموضوعات التشريعية ، مسترشدة بنتائج وتقريرات خبراء الواقع المعاصر ليكون ذلك آلية علمية لتنزيل الأحكام الشرعية على محالهاالمناسبة.
  3. 3.  إنشاء مراكز خبرة علمية متخصصة تستقطب خيرة طاقات الأمة وكفاءاتها لدراسة واقع المجتمعات الإسلامية المعاصرة وتوقع واستشراف مستقبلها.
  4. 4.  إيجاد مؤسسات ومراكز بحوث لتحقيق المناط يكون لها من الإمكانات العلمية والوسائل المادية والمعنوية ما يؤهلها لإبداء الرأي بكفاءة عالية في أهم قضايا الخلاف الفقهي والثقافي والسياسي في الأمة
  5. 5.  عقد سلسلة من الندوات تتناول كل واحدة منها تحقيق المناط لقضية محددة يُفصل فيها القول بصفة تفصيلية في المجالات السياسية أوالاقتصادية أوالاجتماعية وغيرها.
  6. 6.  في مجال البحث العلمي يوصي المؤتمر بما يلي : –

 

  • ·       استكتاب كبار العلماء والباحثين في مجال الشريعة والقانون لتحرير بحوث معمقة تتناول تحقيق المناط في قضايا معينة.
  • ·       مخاطبة كليات الشريعة والقانون، وأقسام الفقه وأصوله في الجامعات الإسلامية بتوجيه نبهاء الطلبة والباحثين من أجل إنجاز أطروحاتهم الأكاديمية في مجال تحقيق المناط، ويؤمل من مركز التجديد والترشيد أن يقدم خارطة طريق بالموضوعات الجديرة بالبحث.
  • ·       يوصي المؤتمر بدراسة الأحكام القضائية الاجتهادية في العالم الإسلامي باعتبارها تطبيقات جزئية بغية بلورة المنهج القضائي في تحقيق المناط.
  • ·       إنجاز مؤلفات في تحقيق المناط ، تجمع أشتات ما ورد في التراث الأصولي والمقاصدي مع تنظيمه وتصنيفه واستثماره ،وإدخال ذلك في المقررات الجامعية للكليات ومعاهد تكوين العلماء بما يهيؤهاللإسهام في تخريج علماء مؤهلين لتحقيق مناطات مختلف الأحكام .
  • ·       جمع ما كتب حول تحقيق المناط في الدراسات المعاصرة كتباً كانت
    أو بحوثا في دوريات أوفي مؤتمرات، لتكوين مكتبة حديثة في علوم تحقيق المناط.

9-      ان الدول الاسلامية مدعوة إلى استكمال بنائها التشريعي الاسلامي بالمؤاءمة بين أحكام الشريعة نصوصاً ومقاصداً وبين مراعاة حقائق الواقع الراهن وعناصره وإكراهاته اعتماداً على دراسة موضوعية لواقع مجتمعاتها وتحقيق مناطات الأحكام الشرعية المراد الحاقها بمنظومتها التشريعية.

10-                 عقد دورات علمية في تحقيق المناط للدعاة والأئمة والوعاظ حتى يرتقي خطابهم إلى اعتبار المآلات ومعالجة ظواهر الواقع معالجة راشدة.

 

وفي الختام ، تتقدم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بخالص الشكر والتقدير لسماحة العلامة الأجل الشيخ / عبدالله بن بيه – رائد هذا المشروع وبانيه وقادح زناد فكرته وللسادة العلماء المشاركين الذين بذلوا من أوقاتهم وجهودهم ما كان له بالغ الأثر في إنجاح هذه الندوة، سائلين الله تعالى أن يحفظ للأمة علماءها الأجلاء .

كما ترفع صالح الدعاء لكل من أسهم في المؤتمر إعداداً وترتيباً وتنظيماً ، وتخص بالذكر لجنة المواكبة التي واكبت هذا المشروع  منذ ولادته ، واللجنة العلمية ، ولجان الإعداد والتنظيم ، سائلين الله تعالى لهم من الأجر العظيم، والخلق الكريم ما يجعلهم من أهل الجنان والرضوان، والمحبة والغفران.

ويرفع المؤتمر برقيات شكر إلى سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه وسمو ولي عهده الأمين وسمو رئيس مجلس الوزراء .

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله نرزق البركات، وبجوده تتنزل الرحمات، {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواهُوَخَيْرٌمِمَّايَجْمَعُونَ } [يونس: 58]

وصلى الله على نبيه الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.والحمد لله رب العالمين.

من admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *