” قال الله تعالى ” ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ” (البقرة 183).

أيها الغافل عن الثواب الكثير والساهي عن الملك الكبير واللاهي عن لباس السندس والحرير المتقاعد عن اليوم العبوس القمطرير النائم عما اتى به محمد البشير النذير الذي أنقذنا الله به من جهنم وحر السعير يا غافل يا ساهي اتاك شهر رمضان المتضمن للرحمة والغفران وأنت مصر على الذنوب والعصيان مقيم على الآثام والعدوان متمادي في الجهالة والطغيان متكلم بالغيبة والبهتان متعرض لسخط الرحمن قد تمكن من قلبك الشيطان فألقى فيه الغفلة والنسيان فأنساك نعيم الخلد والجنان فظللت تعمل أعمال أهل النيران فإن كنت يا مسكين كذلك فكيف ترجو الفوز بالرضوان والحلول في دار الخلد والأمان والخلاص من دار العقوبة والهوان وأنت مطعمك حرام ولباسك حرام ولسانك لا يفتر عن قبيح الكلام وبصرك حديد الى ما حرم من الحرام عليك ذو الجلال والإكرام ويدك ممدودة الى ما نهاك عنه الملك العلام .

وقدمك تسعى الى ما هو أثم وحرام وأنت في جميع امورك وافعالك مخالف للقرآن والأحكام تارك لسنة محمد عليه الصلاة والسلام ؟ ! فجسمك من الجوع متعوب من الفجر الى الغروب ويلحقك النصب واللغوب ( التعب) وصومك عن مولاك بالطرد محجوب وأخاف أن تكون في النار على وجهك مكبوب لمخالفتك علام الغيوب ، بخمص _ ويحك _ بطنك (يقال خميص البطن عن أموال الناس أي عفيف عنها) عن أكل الربى والحرام واحبس لسانك عن الوقوع في جماعة الاسلام وغض طرفك عما هو عليك أعظم من أعظم الآثام وهو النظر الى ما لا يحل لك وامتثل ما أمرك به أحكم الحكام ،وقم بين يديه بالليل البهيم اذا هجع النوم وتضرع اليه اذا ادلهم الليل بداجي الظلام وحينئذ يصح لك القبول لشهر رمضان وتفوز بالنعيم الأبدي في دار السلام وتنجو من الأهوال والعذاب الغرام فليكن _ويحك _ بصرك من النظر الى المحارم معذولاً وسمعك عن سماع القبيح من القول معزولاً وبطنك من أكل الحرام محمولاً وقلبك بالفكرة في الحسنات والمعاد مشغولاً وذكر مولاك وسيدك في لسانك مجعولاً ومالك في طاعة العزيز الجبار مبذولاً .

” إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً ” (الأسراء (36).

وقد أعلمك مولاك أن الشيطان كان للإنسان خذولا فلِم خنت عهد مولاك وأمانته وكنت لنفسك ظلوماً جهولاً ؟ وانشدوا:

قل لأهل الذنوب والآثام ** قابلوا بالمتاب شهر رمضان
إنه في الشهور شهر جليل**واجب حقه وكيد الزمام

وأقلوا الكلام فيه نهاراً ** واقطعوا ليله بطول القيام
واطلبوا العفو من إله عظيم** ليس يخفى عليه فعل الأنام

كم له فيه من إزاحة ذنب ** وخطايا من الذنوب عظام
كم له فيه من أياد حسان** عند عبد يراه تحت الظلام

كم له فيه من عتيق شهيد** آمن في القيام خزي المقام
إن دعاه مذلل بخضوع ** وخشوع ودمعه ذو سجام

أين من يحذر العذاب ويخشى** أن يصلى الجحيم مأوى اللئام
أين من يشتهي التلذذ بحور** في جنان الخلود بين الخيام

إلتمس في ليلة القدر واترك ** إلتماساً له لذيد المنام
واجتهد في عبادة الله واسال** فضله عند غفلة النوام

يا لها خيبة من خاب فيه **عن بلوغ المنة بدار السلام
يا إله الجميع انت بحالي** عالم فاهديني سبيل القوام
وأمتني على اعتقاد جميل** واتباع لملة الاسلام.

 

بستان العارفين ورياض السامعين – ابن الجوزى

من admin

فكرة واحدة بخصوص “وقفة قبل رمضان ( 1 )”
  1. عالة تستغيث الاب معاق اعاقة كامله البنت 25 معاقه اعاقة كامله العائل الوحيد لهاته الاسرا هيا الام تشغل في القطاع الفلاحي ب 6 دنانمير في اليوم الواحد وان وجد الشغل …الاب والبنت في حاجة الى كرسي متحرك وبعض المساعدات لشهر رمضان الكريم … ارجاء من اهل البر والاحسان مد يد المساعده لهته العاله والله الا يضيع اجر المحسنين المرسل …عبد العزيز الهاتف 98696118 القيروان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *